هُويَّة الذَّات وانعكاس امتدادات عمق الانتماء في النص الشعري عند شعراء العصر العباسي الأول (أبو تمَّام وبشار بن برد أنموذجاً)

Abstract

ممَّا هو مألوف، أنَّ العصر العبَّاسي ضمَّ مزيجاً متنوعاً من الشعراء، ينحدرون من أصولٍ مختلفة، وينتمون لدياناتٍ عدة، ولقومياتٍ متناقضة، يحملون أفكاراً ومعتقداتٍ متباينة إن لم تكن متنافرة، كلُّ ما مضى لا بدَّ أن يظهر في النصِّ، أو في أقلِّ تقدير تظهر ملامحُه مهما حاول مبدع النص إخفاءها، تمثل بمثابة هويته القابعة في أعماقه وذهنه، وتعكس مديات انتماءاته الذاتية التي يحملها، ولاسيما الدينية والقومية والفكرية، بل وتظهر ملامح الانتماء السياسي والاجتماعي والتاريخي، ومن هنا انبثقت فكرة هذا البحث، وكان الرأي هو الرجوع إلى شاعرين مختلفين في كلِّ ما مضى ذكره، متقاربين في الزمن، فصار الرأي أن يكون أبو تمام وبشار بن برد قطبَي هذه المعادلة، وربما من المناسب جداً أن أذكر أني في مرحلة استقصائي البحثي في هذا الموضوع لم أجد أية دراسةٍ في هذا الموضوع في العصر العباسي الأول، سوى بحث بعنوان(شعر دعبل بين توهج العاطفة وعمق الانتماء) للدكتور(ستار عبد الله جاسم)، الذي وجدناه بعيداً كل البعد عن دراستنا هذه في مساحتها ومحتواها، ووجدت بعض الدراسات المقاربة في عصورٍ أخرى، ومنها: كتاب (الانتماء في الشعر الجاهلي) للدكتور (فاروق أحمد اسليم)، وبحث بعنوان(الشاعر الجاهلي بين البحث عن الهوية والهوية البديلة) للدكتورة(إخلاص محمد عيدان)، كما لا أدعي أني قد استوفيت كل ما لا يمكن أن يُستَدرَك عليه في البحث والدراسة، ولكن حسبي أني لم أدَّخر جهداً في البحث والتقصي لدراساتٍ مشابهة أو مقاربة من حيث محتوى الدراسة وعصرها، وربما تكون هذه الدراسة مفتاحاً لدراساتٍ أخرى تكون أعمق وأشمل وأنفع. وفي مرحلة استقرائنا في ديوانَي الشاعرين أبي تمَّام وبشار بن بُرد، وجدنا أنواعاً من الهُويَّة والانتماء تمثل جذور الشاعر وعمقه التاريخي وامتداداته التي ينتمي لها، فوجدنا أن الانتماء الديني والقومي والسياسي والاجتماعي والمكاني أهم ما يمثل هذا الجانب، فقامت دراستنا على هذه المرتكزات.